أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

دروس وعبر من سورة الإسراء ، خطبة الجمعة 20 مارس للدكتور خالد بدير

دروس وعبر من سورة الإسراء ، خطبة الجمعة 20 مارس للدكتور خالد بدير ، بتاريخ: 25 رجب 1441هـ – 20 مارس 2020م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : دروس وعبر من سورة الإسراء:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : دروس وعبر من سورة الإسراء ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : دروس وعبر من سورة الإسراء ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : دروس وعبر من سورة الإسراء : كما يلي:

عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : دروس وعبر من سورة الإسراء :

الدرس الأول: بعد المحن تأتي المنح

الدرس الثاني : ذكر الله على كل حال

الدرس الثالث : شرف العبودية { أسرى بعبده }

الدرس الرابع: أهمية ومكانة المسجد

الدرس الخامس: أهمية الصلاة وسبب فرضيتها في السماء دون بقية العبادات!!

الدرس السادس: رؤية الحقائق الغيبية وأثرها في تثبيت القلب وزيادة الإيمان

الدرس السابع: الوصية بالوالدين عامة والأم خاصة

المقدمة:                                                            أما بعد:

الدرس الأول: بعد المحن تأتي المنح

عباد الله: من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسرَّ بدعوته ثلاث سنوات؛ وحينما أمره الله بالجهر بالدعوة لقي صلى الله عليه وسلم أشد أنواع الإيذاء والاضطهاد منذ أن جهر بالدعوة على جبل الصفا ؛ وكان أول من وقف ضده أقرب الناس إليه عمه أبو لهب قائلًا: تبًا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟! ونزل في ذلك سورة المسد؛ ثم توالى الإيذاء بالسب والشتم تارة؛ وبرمي سلا الجزور عليه وهو ساجد أخرى؛ وبالحصار في الشعب ثالثة.

  وأشق من ذلك كله عليه فقدان عمه أبو طالب وزوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وتبع ذلك عندما ذهب إلى أهل الطائف يطلب منهم الوقوف بجانبه وأن يدخلوا الإسلام؛ فعمد إلى نفر من ثقيف، فآذوه إيذاءً شديدًا؛ وسلطوا عليه الصبيان يرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه؛ ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ فنزل جبريل عليه قائلًا بلسان الحال قم يا محمد: إذا كان أهل مكة آذوك وطردوك فإن رب البرية لزيارته يدعوك!! فكانت رحلة الإسراء والمعراج؛ وبعد المحن تأتي المنح .

أيها المسلون؛ أيها الدعاة:

إن هذه المحن والابتلاءات والشدائد التي نمر بها في حياتنا تعلِّمنا أن للمحن والمصائب حِكَمًا جَليلةً، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى، وتُلبسهم رداءَ العُبودية، وتُلجئهم إلى طلب العون من الله . إنها تُعلِّمنا أنَّه لا ينبغي أن تَصدَّنا المحن والعقبات، عن متابعة السير في استقامة وثبات . إنها تُعلِّمنا أن اليسر مع العُسر ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب .

الدرس الثاني: ذكر الله على كل حال

حيث تبدأ سورة الإسراء بكلمة ” سبحان ” التي فيها التنزيه والتعظيم والإجلال لصاحب هذه المعجزة من ألفها إلى يائها ، فكانت المعجزة كلها بقدر الله وبقدرة الله عز وجل ، ولكي تتعلم الأمة درس التسبيح والتعظيم والتمجيد لله عز وجل ومفاد ذلك :

أن تعيش الأمة مسبحة لله … أن تعيش الأمة ذاكرة لله ………. أن تعيش الأمة موصولة بذكرها وتسبيحها لله عز وجل ، ولما لا تعيش الأمة مسبحة لربها والكون كله مسبح لله يقول تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}(الإسراء: 44) .

فكل عبادة في هذا الدين الحنيف لها حد ووقت إلا الذكر ليس له حد ولا وقت ولا حال يقول تعالى: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }(آل عمران: 191)؛ فهذا الرجل الذي سأل النبي عن عباده يسهل يطبقها وترفع درجته عند ربه فقال له : ” لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله “.(أحمد والترمذي).

الذكر والتسبيح هو وصية الخليل لصاحب المعراج بقوله له: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام؛ وأخبرهم أن الجنةَ طيبة التربة وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله”..  ولتعلم يا عبد الله أنك إذا ذكرت الله ذكرك الله ؛ قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} . [البقرة:152]. قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا منه وقالوا: كيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني. ( إحياء علوم الدين ) .

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ». ( متفق عليه ).

الدرس الثالث: شرف العبودية { أسرى بعبده } :

يقول المولى سبحانه: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }( الإسراء: 1)؛  ولماذا لم يقل برسوله أو نبيه أو حبيبه أو خليله ، فلله عز وجل في كونه عبيدٌ وعبادٌ، فكلنا عبيد الله؛ الطائع فينا والعاصي والمؤمن فينا والكافر، ولكن عباد الله هم الذين أخلصوا له فاتحد اختيارهم مع منهج الله سبحانه وتعالى ، ما قال لهم افعلوه فعلوه وما نهاهم عنه انتهوا؛ ولذلك عندما يتحدث القرآن عنهم بين خلق الله لا يسميهم عبيد ولكن يسميهم عبادًا يقول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا }(الفرقان: 63).

والحق قد استخدم كلمة عبده ليلفتنا إلى حقيقتين هامتين؛ الأولى: أن الإسراء بالروح والجسد ولم يكن منامًا، والثانية والأهم: أن الله جل جلاله يريد أن يثبت لنا أن العبوديةَ له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان، فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة ، وعطاء ما بعده عطاء؛ وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي: { فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}( الكهف: 65).

إن العبودية لله شرف ، والعبودية للبشرية نقيصة وذلة:

لأن السيدَ يريد أن يأخذ خير عبده وأن يجرده من كل حقوقه وماله، ولكن لله سبحانه وتعالى يعطي بغير حساب فكفى بالمرء عزًا أن يكون عبدًا وكفى به فخرًا أن يكون الله له ربًا ، ولقد خُيِّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم – بين أن يكون نبيَّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فاختار أن يكون عبدًا نبيًا..( دلائل النبوة للبيهقي).

وبهذه العبودية وصل رسول الله- صلى الله عليه وسلم – إلى مكانٍ لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ، بل كان رسول الله يجتهد أن يصل إلى هذه العبودية الحقة بقيامِ الليل حتى تورمت أقدامه؛ فلما أشفقت عليه زوجه عائشة- رضي الله عنها- وقالت: يا رسول الله هون على نفسك فأنت الذي غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. فقال:” يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا ؟!” (متفق عليه) .

الدرس الرابع: أهمية ومكانة المسجد

درس آخر وهو ربط الرحلة في بدايتها ونهايتها بالمسجد، فالخروج من مسجد وإلى مسجد لتعلم الأمة قيمة المساجد ومكانتها في الإسلام، فهو بيت الأمة الذي اهتمَّ به رسول الله- صلى الله عليه وسلم – في بداية بناء دولة الإسلام، فالمسجد له مكانته وله دوره في الإسلام الذي لا بد أن يعود حتى يتخرج منه الرجال الذين يحملون دعوة الله ويبلغون رسالته ويصدق فيهم قول ربهم:

{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}( النور: 36 – 38)..

وهنا يجب أن يعلم كل مسلم أن المساجد إنما أنشأت للصلاة:

وحينما جعل الله صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة لم يكن ذلك إلا لأهمية الصلاة في المسجد ….. فالصلاة في جماعة ببيت الله هي إصلاح للنفس وتطهير لها مما علق بها بالدنيا ، وإذا أردتم أن تعرفوا فضل عرض النفس على الله انظروا للغرب وكيف أن معظم أفراده يعرضون أنفسهم على أطباء المرض النفسي؟! بل ويقدرون تلك الجلسات الطبية ويدفعون فيها أغلى الأثمان!!

وكلما كان الطبيب ماهرًا علت قيمة مقابله المادي!! ونظرة على المسلمين وخاصة المداومين على صلاة الجماعة أتحدى أن يكون منهم من يعاني مرضًا نفسيًا !!… لأنه يعرض نفسه خمس مرات يوميًا على فاطر الأرض والسموات وسبحانه إذ يقول: { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14).

وثمة حكمة أخرى ودرس عظيم وهو أهمية المسجد الأقصى؛ والترابط بين مهبط الرسالات؛ فبيت المقدس هو مهبط النبوة قبل نبوته صلى الله عليه وسلم، فأنبياء بني إسرائيل بعثوا في تلك الأرض المقدسة، وهناك القبلة الأولى التي كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يستقبلونها، إذًا فهناك ربط بين هذا النبي الجديد وبيئته وبلدته الجديدة -النبوة الخاتمة- وبين مهبط النبوة السابقة لها أيضًا، وفيه إشعار بأن هذا النبي صلى الله عليه وسلم مكمِّلٌ ومتمِّمٌ لرسالات الأَنْبِيَاء قبله، فهو خاتمهم، ولم يأتِ في باب التوحيد والإيمان بجديد عما جاءوا به في أصَلِ القضية، وإنما دعا إِلَى ما دعوا إليه.

إن أرض فلسطين وما حولها أرض مباركة:

بركة حسية ومعنوية، فيها بيت المقدس؛ أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عاش هناك أغلب الأنبياء، ودفن هناك إبراهيم ولوط ويعقوب ويحيى وزكريا عليهم السلام، ولقد مدحها الله في القرآن الكريم في خمسة مواضع؛ وهي أرض إسلامية صرفة، ليست ملكًا لحاكم ولا لشعب، وإنما هي ملك للإسلام والمسلمين في كل مكان، وهذا يبيِّن واجبنا نحوها ونحو أهلها والمقدسات التي على أرضها، وفي الحديث:

“لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم؛ حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك” (البخاري). وفي رواية: (قيل: أين هم يا رسول الله؟ قال: “في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس”. وكل البلاد الإسلامية التي تحيط بها من أكناف بيت المقدس.

الدرس الخامس: أهمية الصلاة وسبب فرضيتها في السماء دون بقية العبادات!!

 أيها المسلمون: إن الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي فرضت ليلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة وبدون واسطة, فلماذا فرضت العبادات كلها عن طريق الوحي على وجه الأرض دون الصلاة، فأخذ الله نبيه إلى مكان لم يصل إليه أحد فتفرض هناك خاصة؟!!

والجواب عن ذلك أقول: إن الإنسان يتكون من قسمين: جسد وروح، فالجسد خلق من طين وغذاؤه من طين ومرجعه للطين، والروح مخلوقة من روح الله { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر: 29)، وغذاؤها غذاءٌ روحي هو العبادة والصلاة، ومرجعها إلى الله كما في الحديث أن ملك الموت وأعوانه يصعدون بها إلى الله حين قبض الروح من العبد مباشرة، فناسب أن يكون غذاؤها من المكان الذي خلقت منه – كالجسد وغذاؤه – ففرضت هناك، فأصبحت معراجًا روحيًا بينك وبين الله، ففي صحيح مسلم ” قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ” .

فالصلاة معراج للأرواح والنفوس:

خمس مرات كل يوم في الأداء، وخمسون في الأجر والثواب عند الله، وإشارة إلى أن المسلم يسمو بنفسه وروحه فوق الشهوات والشبهات، ودائمًا يتطلع إلى المعالي، ويتعلَّق بالمثل الأعلى في كل شيء من قيم الحياة، فلا يرضى بالدون أو المؤخرة.

وثمة حكمة أخرى من فرضية الصلاة في السماء: أن الصلاة هي العبادة الوحيدة التي يشترك فيها أهل السماء مع أهل الأرض، لأن الملائكة لا تزكي لأنها لا تملك المال، ولا تأكل ولا تشرب حتى تصوم، ولا تتناكح ولا تتناسل حتى تؤمر بصلة الأرحام وضوابط المعاملات، وإنما هي أجسام نورانية لطيفة قادرة على التشكل بأشكال حسنة، مفطورون على العبادة، منهم الراكع لا يرفع رأسه، ومنهم الساجد لا يرفع رأسه، ومنهم المسبح ومنهم القائم.

وكرم الله الإنسان لأنه جمع في صلاته أنواع صلوات الملائكة من قيام وركوع وسجود وتسبيح وغيرها، فالملائكة يسبِّحون اللَّيل والنَّهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة قالوا: سبحانك! ما عبدناك حقَّ عبادتك. وإذا كانت الملائكة تقول ذلك حياءً من التقصير- مع أن الراكع والساجد لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة – فماذا نقول نحن لله؟!

لذلك ناسب أن تفرض الصلاة في السماء لاشتراك  أهل السماء مع الأرض فيها.

 عباد الله: لو جئنا إلى التطبيق العملي لوجدنا أن الكثير من الناس يغفل عن هذا المعراج الروحي من خلال الصلاة والعبادة؛ ويهتم بأمور الدنيا وشهواتها وملذاتها؛ وبعد ذلك يقول: إنني في ضيق وغم وهم وحزن!!! فإذا أصابك هم أو بلاء أو حزبك أمر فاضرع إلى الله بالصلاة والدعاء ؛ ولذلك ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ” ( أبو داود )، وكلما أحس بضيق أو هَمٍّ يقول:

” أقم الصلاة يا بلال أرحنا بها “( أبو داود )، فكلما بعدتَّ عن العبادة والطاعة كنتَ في ضيق وغمٍّ وقلق نفسي وتوتر وضنك، والشفاء والعلاج في صلتك بالله، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}( طه: 124 – 126) .

فما أحوجنا إلى المحافظة على هذه الفريضة العظيمة التي أكرمنا الله بها في ليلة الإسراء والمعراج عن طريق نبيه صلى الله عليه وسلم!!

الدرس السادس: رؤية الحقائق الغيبية وأثرها في تثبيت القلب وزيادة الإيمان

فنحن نعلم أن الإيمان بالغيب درجاتٌ ثلاثةٌ، علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، فلو قلت لك هناك موت وبعث وجنة ونار، فهذا علم، فلو رأيت ذلك بعينيك فهذا عين اليقين، فلو جربته وأكلت من الجنة مثلًا فهذا حق اليقين، وكلما ارتقيت من درجة إلى أخرى يزداد يقينك وإيمانك بالله، فليس من رأي كمن سمع. فالله أكرم نبيه في المعراج برؤية الغيبيات لهذه الحكمة، فقال:

{ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء : 1)، وفي آيات المعراج قال:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}(النجم: 18)، وهذا الأمر ليس قاصرًا على نبينا فقط، بل شمل أنبياء كثيرين قبله، فهذا موسى قال الله له:{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى* لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى* اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (طه: 22- 24)؛ فأراه الآيات أولًا تثبيتًا له ثم عقبها بالذهاب إلى فرعون.

 وهذا إبراهيم عليه السلام قال الله فيه:

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 260)، جاء في تفسير ابن كثير: “عن ابن عباس قال: { فَصُرْهُنَّ إِلَيْك } أوثقهن، فلما أوثقهن ذبحهن، ثم جعل على كل جبل منهن جزءًا، فذكروا أنه عمد إلى أربعة من الطير فذبحهن، ثم قطعهن ونتف ريشهن، ومزقهن وخلط بعضهن في ببعض، ثم جزأهن أجزاءً، وجعل على كل جبل منهن جزءًا، قيل: أربعة جبال . وقيل:

سبعة. قال ابن عباس: وأخذ رؤوسهن بيده، ثم أمره الله عز وجل، أن يدعوهن، فدعاهن كما أمره الله عز وجل، فجعل ينظر إلى الريش يطير إلى الريش، والدم إلى الدم، واللحم إلى اللحم، والأجزاء من كل طائر يتصل بعضها إلى بعض، حتى قام كل طائر على حدته، وأتينه يمشين سعيًا ليكون أبلغ له في الرؤية التي سألها، وجعل كل طائر يجيء ليأخذ رأسه الذي في يد إبراهيم، عليه السلام، فإذا قدم له غير رأسه يأباه، فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جثته بحول الله وقوته؛ ولهذا قال:

{ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي: عزيز لا يغلبه شيء، ولا يمتنع منه شيء، وما شاء كان بلا ممانع لأنه العظيم القاهر لكل شيء، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره. قال ابن عباس في قوله تعالى: { وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } ما في القرآن آية أرجى عندي منها” أ.ه

وكأن الله يقول لسيدنا إبراهيم نحن أكرم منك يا إبراهيم، فأنت طلبت الرؤيا-الدرجة الثانية عين اليقين- ونحن جعلناك جربت ذلك بنفسك فأعطيناك الدرجة الثالثة.

فينبغي عليك أن تتذكر الغيب أمامك؛ وتعمل كل عمل يذكرك بربك والآخرة؛ فذلك أدعى لزيادة الإيمان وتثبيت قلبك على طاعة الرحمن!

هذا فضلًا عن أن المشاهد التي رآها الرسول في رحلة المعراج رسائل إلى تحذير الأمة من هذه الانحرافات؛ حيث كانت العقوبات الشديدة المنفرة، فيحذِّر النبي الأمة من هذه الآفات كالربا، والزنا، وأكل مال اليتيم؛ والغيبة والنميمة وغيرها؛ لأنها أمراض اجتماعية تدمِّر المجتمع.

الدرس السابع: الوصية بالوالدين عامة والأم خاصة

أيها المسلمون: ونحن نقف مع الدروس المستفادة من خلال سورة الإسراء ؛ نجد أن السورة الكريمة ذكرت في ثناياها الحديث عن بر الوالدين عمومًا والأم خصوصًا لأنها هي مصدر الحنان والرعاية والعطاء بلا حدود؛ ويأتي هذا تزامنًا مع يوم الأم ويوم المرأة . قال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء: 23-24]. وقال: { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } (لقمان: 14) . فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها أي إحداهما. قول الله تعالى: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ” فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. الثانية قول الله تعالى: ” وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ” فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. الثالثة قول الله تعالى: ” أن اشكر لي ولوالديك ” فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين ” .(البزار والبيهقي بسند حسن) .

ولفضل الأم جعل الإسلام برها جهادًا في سبيل الله وطريقًا إلى الجنة؛ فقد جاء رجل إلى النبي “صلى الله عليه وسلم” فقال:

يا رسول الله أردت أن أغزو, وقد جئت أستشيرك, فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها».( أحمد والنسائي).

ومن عجيب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم، حتى وإن كانت مشركة, فقد سألت أسماء بنت أبى بكر النبي “صلى الله عليه وسلم” عن صلة أمها المشركة، وكانت قدمت عليها, فقال لها: «نعم, صلي أمك».(متفق عليه) .

ولأهمية ومكانة الأم في الإسلام كرر الإسلام الوصية بالأم ثلاثًا لتحملها متاعب الحمل والرضاعة والتربية؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ” ( متفق عليه).

أيها المسلمون: إذا كان الإسلام أعلى من شأن الأم وأعطى لها المكانة العليا؛ فحري بنا أن نقوم ببرها ورعايتها؛ فأمك باب من أبواب الجنة احرص عليه؛ روي أنه لما ماتت أم أياس بن معاوية بكى, فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة, وأُغلق أحدهما.

فالأم كلها حسنات بجميع مراحل عمرها منذ ولادتها حتى وفاتها؛ وهذه رسالة لمن يتضجر أو يتشاءم من إنجاب البنات !!

يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ” البنون نعم والبنات حسنات، والله عز وجل يحاسب على النِعم، ويجازي على الحسنات “ .

وقد يقول قائل: إن والديَّ قد ماتا ؛ فكيف أبرهما ؟ والجواب: أن تكثر من الدعاء والاستغفار لهما ؛ فبكثرة استغفارك لهما يرفعهما الله درجاتٍ في الجنة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : ” إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ : أَنَّى هَذَا ؟ فَيُقَالُ : بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ.”.( أحمد والطبراني وابن ماجة ).

هذه هي أهم الدروس المستفادة من خلال سورة الإسراء ؛ فهلا فعَّلنا هذه الدروس على أرض الواقع وطبقناها تطبيقًا عمليًا ؛ لنعيش حياةً طيبةً سعيدةً آمنةً مطمئنةً في الدنيا ؛ ونفوز بأعلى الجنان عند الله مع صاحب الذكرى العطرة في الفردوس الأعلى من الجنة في الآخرة ؟!!

عباد الله: يجب علينا في ظل هذه الظروف الراهنة التكاتف والأخذ بجميع سبل الوقاية والحماية والنظافة والطهارة ؛ والرجوع إلى أهل التخصص كل في مجاله ؛ وأن لا ننساق وراء الشائعات والمواقع المشبوهة ؛ كما يجب علينا كثرة الدعاء والتضرع إلى الله ؛ والبعد عن المعاصي؛ وطاعة الله ورسوله مصداقًا لقوله تعالى: {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } . (النساء: 59) .

نسأل الله أن يجعلنا بارين بوالدينا أحياءً وأمواتًا ؛ وأن يرد المسلمين إلى دينه مردًا جميلًا ؛ وأن يرفع عنا الوباء والبلاء؛ وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء؛ اللهم آمين ؛؛؛؛

الدعاء،،،،،،،                             وأقم الصلاة،،،،،،،      

                                                        كتب خطبة الجمعة : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »